ما أهمية دورة الأسرة؟ يرى الكثير من الأباء أن مسألة التربية والتعليم أمور مسؤولُ عنها المؤسسات، والهيئات التعليمية وأن دوره يتوقف على كونه منتج المأكل والملبس لأبناءه، وهذا بلا شك اعتقاد خاطئ، فمثلما يقع على عاتق المدرسة مسؤولية التربية والتعليم، فكذلك هناك مسؤولية أكبر على الأباء، بحيث يجب عليهم الوعي بأن هناك دور الأسرة في التربية والتعليم واجب أن يتم تحملها، وهذا ما سنخوض فيه تفصيليًا خلال مقالنا.
تعريف الأسرة
وضع علماء النفس والاجتماع تعريفًا للأسرة بكونها هي الدائرة الاجتماعية الأولى للطفل، منذ ولادته وطوال مراحل نموه، يتم التعامل معهم بشكل يومي، وتكون بالنسبة له الدرع الحامي على الصعيد النفسي، الصحي وكذلك الاقتصادي.
ومع مراحل نمو الطفل تعد الأسرة هي الأساس الذي يُبنى عليه شخصية الطفل، بدايًة من اكتسابه اللغة التي يتحدثون بها، إلى الأداء الحركي لهم في المواقف المختلفة، ويكونوا المسؤول الأول عن وضع الحدود الفاصلة بين الصح والخطاء، لكون لديهم آلية الثواب والعقاب، وعليهم مسؤولية توفير حياة هادئة تعتمد على التربية الإيجابية تجاه ابنائهم.
أهمية الأسرة
يمكن أن نلخص أهمية الأسرة في عدد من النقاط التالية:
- تلبية كافة الاحتياجات النفسية للأبناء، من حب، ودعم نفسي ومعنوي، لتحقيق الانتماء والسكينة النفسية للطفل.
- توفير حياة اقتصادية كريمة لأبنائهم، فتلبية متطلبات الأسرة أحد المسؤوليات التي تقع على عاتق رب الأسرة.
- توفير بيئة صحية من خلال تقديم نمط وصورة حياتية صحية للأبناء، وتعريفهم بأهمية الحفاظ على الصحة.
- إمكانية الاستماع إلى مشكلات الأبناء والعمل على حلها معًا، فهذا يُعزز الشعور بالحب لدى الأبناء وأهميتهم عند أبائهم.
- تعريفهم بدورهم تجاه أنفسهم، وتجاه مجتمعهم، بشكل يساهم في تعزيز روح الفريق منذ الصغر ليكونوا أحد الأفراد الصالحين، والمؤثرين في مجتمعاتهم، ويساهموا على تطوير هذا المجتمع.
دور الأسرة في التربية
تقع على عاتق الأسرة مسؤولية كبيرة خاصة بتربية الأبناء، وتهيئة النشأة التي سيتواجدون في محيطها والعمل على تنمية أخلاقهم، كما أن الأباء يكونوا هم التعامل الأول للأبناء، الذي يتأثروا بهم، وبأفعالهم والعمل على التربية السليمة منذ الصغر، يضع بذور النشأة الصحيحة في الكبر، ويمكن أن نضع دور الأسرة في مجموعة من النقاط، وهي:
- معرفة المسؤوليات على عاتق الأسرة
يجب أن تتفهم الأسرة جيدًا كونها أحد أهم الدوائر الاجتماعية في نشأة الطفل، وأولى مراحله فيالتواصل، والتعلم، واكتساب الخبرات، وعليه يجب أن تدرك الأسر كيفية رعاية الطفل نفسيًا وصحيًا وإكسابه الصفات والطباع والاخلاق الحميدة.
- طرق بناء الشخصية
يجب أن تتعلم الأسرة كل ما يخص كيفية بناء الشخصية للطفل، عبر توفير كافة سبل الاتزان الانفعالي، من خلال توفير الشعور بالحب والأمان، بحيث يتوفر له إمكانية الاتسام بشخصية سوية يساهم في التنمية المجتمعية.
- تلبية احتياجات الطفل
على الأسر توفير وتلبية احتياجات الطفل الاقتصادية، وكذلك تلبية احتياجه العاطفي، والنفسي من خلال الدعم الدائم، وتقويمه بصورة صحيحة، والابتعاد عن العنف في التعامل معه، إضافة إلى التحلي بالصبر بشكل شبه دائم مع احتياجاته.
وما سبق إذا تم تكون قد حققت الأسرة الدور المنوطة به تجاه أبنائها، وذلك سيساعد في تنمية الأجيال التي ستخرج لبدء رحلتها الدراسية، والتعامل مع المجتمع الخارجي بشكل سليم.
اقرأ أيضًا: مرحلة ما قبل المدرسة
دور الأسرة في التعليم
أما على الصعيد التعليمي، فيقع أيضًا على الأسرة جانب من المسؤولية الخاصة بالتعليم، وتتقاسم معها هذا الدور المؤسسات التعليمية، ولكن الدور الأكبر يكون للبيت، ويمكن تلخيصه في التالي:
- البيئة التعليمية
تقع على عاتق الأباء مسؤولية توفير جو عام هادئ، يساعد على التعلم، والاستذكار، بعيدًا عن الضوضاء، أو أن تكون الخلافات الأسرية أمام الأبناء.
- القدوة
يجب أن يلتفت الأباء إلى حقيقة أن الأبناء يتخذوا منهم القدوة، فعليه يجب أن يكونوا الأباء على قدر هذه المسؤولية، من خلال تعليم الأبناء كيفية القراءة، وتعريفهم على اكتساب مهارات مثل التعلم الذاتي، والبحث، وتنمية الفضول العلمي لديهم، بشكل يجعلهم يكتسبوا الثقافة المعرفية مع العملية التعليمية.
- المستوى التعليمي
يتأثر الأبناء بالمستوى التعليمي للأب والأم بطريقة مباشرة، بحيث يكونوا لهم الملجأ في المنزل من أجل إيجاد إجابة عن أسئلتهم حول موادهم العلمية، وعليه يجب أن يحاول الوالدين أن يكونوا على مستوى تعليمي في المواد التعليمية المختلفة، وإن لم يكن يعلموا، فبإمكانهم الاستذكار من المناهج التي يدرسها أبنائهم، لتقديم يد العون في أي وقت.
- التعرف على حالة الابناء في المدرسة
يجب أن يتعرف الأباء بشكل دوري على حالة الأبناء داخل المدرسة، سواءًا كان على المستوى التعليمي، أو على المستوى الأخلاقي، وقدر الإمكان يكون هذا التساؤول والاطمئنان من البعيد، حتى لا يترجم الطفل هذا على كونه قلة ثقة من الأباء نحوهم.
أسس التربية والتعليم الإيجابية
يجب أن يكون منزل الأسرة مبني على أسس للتربية والتعليم إيجابية، بحيث تساعد على إخراج أشخاص أسوياء، على قدر عالي من الأخلاق، والمعرفة، يستطيعوا النجاح في المجتمع، كما يستطيعوا أن ينهضوا بمجتمعهم.
ويمكن أن نضع هذه الأسس في مجموعة النقاط التالية:
- الأخلاق
يجب على الأباء المساهمة في زرع الأخلاق الحميدة في الطفل، والتي ستساعدهم فيما بعد بالتحلي بالصدق، والروح التنافسية الشريفة، وتنفيذ الوعد.
- الابتعاد عن التقليد
يجب على الوالدين نهي ابنائهم عن التقليد بشكل أعمى، وتنمية الاستقلالية في شخصيتهم، إضافة إلى تعريفهم أن التميز أهم من التقليد، نظرًا لما يخلقه من تفرد.
- الاعتدال
على الأباء التعامل باعتدال مع الابناء، بين الرفق واللين، والصرامة، وتعريفهم بأن هذه الصرامة نابعة من المحبة إليهم.
- الحرية
على الأباء أيضًا تعريف الطفل بأن رأيه مهم، ولا مانع أن يأخذوا برأيه، بشكل يساعد على نمو روح حرية الرأي والتعبير فيه.
- الابتعاد عن التوبيخ
يجب الابتعاد عن توبيخ الأطفال، إضافة إلى الابتعاد نهائيًا من توبيخهم بشكل علني، أو محاولة إظهار عيوبهم، بل الأفضل تعريفهم بمميزاتهم، وأنهم آلا يجب أن يضيعوا هذه المزايا بأفعال سيئة.
- الجانب الديني
واجب على الأباء تنمية الجانب الديني لدى الأطفال، والذي بدوره سيساهم بشكل كبير في تقويم أخلاقهم، وزرع الضمير بداخلهم.
وفي نهاية مقالنا يجب القول بأن التربية والتعليم وجهان لعملة واحدة، عملة مسؤولة عن إنتاج أجيال سوية، يمكن الاعتماد عليها لرفع مكانة بلادهم ومجتمعاتهم، وخلق التنمية المستدامة، إضافة على ما تزرعه في أبنائك عليك المعرفة جيدًا بأنك ستحصده، فعليك الحذر بما تزرعه، لأنه لن يصيبك وحدك، بل سيصيب مجتمع بأكمله.