هل تعلم أن التعليم والتعلم مفهومان مختلفان تمامًا؟
العملية التربوية، والعملية التعليمية مصطلحان يأتي أسفلهم الكثير من المفاهيم، تلك المصطلحات تكون في ذاتها هدف ترغب المجتمعات في الوصول له وتحقيقه، ووسط هذا نجد أن الكثيرين يختلط عليهم الأمر ما بين تعريف مفهوم التعلم، و مفهوم التعليم واللذين في معناهم الكثير من الاختلافات والفروقات التي سنحاول من خلال مقالنا توضيحها.
مفهوم التعليم
إن التعليم في حد ذاته قائم على التفاعلية في الأساس بين الأفراد، بحيث يكون عملية تنتقل خلالها الخبرات والمعلومات من المُعلَّم إلى أذهان الطلاب، ومع الوقت تؤثر هذه العملية على سلوكيات الفرد نحو ذاته والمجتمع الذي يعيش فيه.
ولا ترتبط العملية التعليمية بوقت محدد، فطوال حياة المرء هو تلميذ لهذه الحياة، فالخبرات والمعلومات ليس بالضرورة أن تأتي من المحاضر في الجامعة، أو من خلال المعلَّم في المرحلة التعليمية، ولكن يمكنها أن تأتي من الأفراد ذات الخبرات في حياتنا العملية، أو خلال عمليات خارج الأطر الأكاديمية مثل قيادة السيارات، أو الرسم، والموسيقى، ومدتها الزمنية تنتهي فقط عند إتقان المتعلم لما بدأ في تعلمه.
مفهوم التعلم
بينما نجد أن مفهوم التعلم هو وصف لسلوك الفرد، أي أن التعلم هو محاولة الفرد ذاتيًا للحصول على المعلومات والخبرات والمعرفة، يبحث عنها ويبدأ في إتقانها بذاته، بحيث لا يكون هناك ناقل للعلم أو الخبرة في تلك الحالة، بل تكون العلاقة تبادلية بين المعرفة وطالبها دون ناقل لتلك المعرفة.
ويعتمد المتعلم في تلك الحالة على الأبحاث، وأدوات البحث العلمي، والمعلومات، والكتب، إضافة إلى الوسائل التكنولوجية الحديثة مثل شبكة الأنترنت، ثم يبدأ في تدريب نفسه بنفسه، ويُقيم نفسه ذاتيًا، ويكتشف النواقص لديه من أجل الوصول لهدف اتقان ما يحاول أن يتعلمه، ونجد هذه الحالة في محاولة البعض تعلم اللغات الأجنبية، أو النظر للنجوم من خلال التلسكوبات ومحاولة فهم حركة النجوم وعلاقتها بالأرض.
الفرق بين التعليم والتعلم
هناك مجموعة من النقاط التي تجعل هناك فروقات بين عملية التعليم، وعملية التعلم، ويمكن وضعها في الآتي:
- يحتاج الطالب في العملية التعليمية إلى المعلم الذي ينقل إليه خبراته ومعرفته وعلمه، بينما في حالة التعلم يكون الطالب متعلم من قبل الكتب والمواد العلمية الموجودة في مختلف مناحي الحياة.
- تنمو المعرفة والخبرات بالتدريج في العملية التعليمية، بينما في حالة التعلم فتنمو بشكل أكبر نظرًا لسهولة المراقبة والتعلم من الأخطاء ومحاولة معالجتها من قبل المتعلم.
- يمتلك الطالب في التعليم سلوكيات مثل التلقي، والاستماع، والحفظ قبل الخضوع إلى تقييم من قبل المعلم، بينما في التعلم يكتسب الطالب سلوكيات مثل الاستماع، الملاحظة، البحث، التقصي، التجربة والتقييم لذاته ومعرفة أوجه الاخفاق ومحاولة معالجتها.
- في التعليم نجد أن المسؤولية في توصيل المعلومة تقع على المعلم، بينما في التعلم نجد أن المسؤولية بكاملها تقع على طالب العلم، وعليه تحملها في حالة رغبته وإصراره على تحقيق هدفه.
اقرأ أيضًا: التربية في مرحلة ما قبل المدرسة
التعليم الحديث
مع التطور المجتمعي بالتزامن مع التطور التكنولوجي، أصبح التعليم والتعلم وجهان لعملة واحدة، يتم الاعتماد عليهم من أجل تحقيق الهدف من العملية التعليمية، أي أصبح العلم التربوي الحديث يعتمد على التعليم من خلال نقل المادة العلمية من قبل المعلم، على جانب آخر وبعد انتقال المعرفة يكون على الطالب البحث بشكل أكبر حول المادة العلمية للتعرف والتعمق بشكل أكبر.
كما أصبح لا يتم الاعتماد فقط على طرق التلقين في عملية التعليم فحسب، بل أصبح يتم الاعتماد كذلك على البحث والتقييم من قبل الطالب ذاتيًا، بشكل يؤكد على ثبات المعلومة، واستيعابها، بل ومحاولة التعمق في هذا المجال العلمي.
وفي الأخير وعلى الرغم أن أصبحت العملية التعليمية الحديثة معتمدة على التعلم والتعليم معًا، إلا أن منذ القدم اعتبر خبراء علم النفس والاجتماع أن عملية التعليم والتعلم عملية تتابعية، أي أنه لا يوجد تعلم بدون تعليم، فلا يوجد بحث عن معلومة إلا عند وجود ذكر لهذه المعلومة من قبل المعلم، أو الكتاب، وتم اعتبارهم الأساس الذي يقوم عليه مصطلح التربية والتعليم معًا.