نحن نتعلم كل يومٍ تقريبًا أشياءً جديدة دون وعيٍ منا فهل تذكر متى كانت آخر مرة تعلمت فيها؟ ربما منذ بضع دقائق عندما كنت تتصفح منشورات فيسبوك أو تويتر أو ربما تعلمت شيئًا جديدًا أثناء تصفح الريلز على انستجرام أو تيك توك أو في تلك القناة على واتساب أو تليجرام.
ولكن دعني أخبرك أمرًا.. هل لاحظت الفرق بين التعليم الجامعي والتعليم الذاتي؟ نعم عزيزي القارئ هناك فرق كبير بين أن تتعلم بنفسك أو أن يُعلمك أحدٌ ما.
وعلى الرغم من أن التعليم الأكاديمي له فعالية كبيرة في التحصيل العلمي إلا أن فكرة التعلم الذاتي أصبحت أسهل وأكثر متعة.
في هذه المقالة سوف نتعرف معًا ما هو مفهوم التعلم الذاتي؟ وكيف يمكن تطبيقه؟ والكثير من المعلومات الأخرى التي تجعل التعلم الذاتي أكثر فعالية.
محتوى المقال
ما هو مفهوم التعلم الذاتي؟
تكمن فكرة التعلم الذاتي في أن تملك زمام رحلتك التعليمية بحيث توجه نفسك وتحدد أهدافك وتلتزم بالمسئولية الكاملة عن تحقيقها، ولا شك أن القيام بذلك يحتاج إلى المثابرة والاجتهاد.
غالبًا ما تحصل على المعرفة بعيدًا عن إطار التعليم الرسمي وربما أصبح الآن الأمر أسهل مع وجود الانترنت الذي يسهل الوصول إلى العديد من الدورات التعليمية التي تعتمد بشكل كبير على التعلم الذاتي، ناهيك عن وجود مقاطع الفيديو والبودكاست والكتب والأبحاث بصيغة pdf وما إلى ذلك، والمثير هنا أن هناك دراسة قام بها موقع Forbes تثبت أن هناك مصادر للتعلم الذاتي عبر الإنترنت تقدر بـ370 مليار دولار.
هذه الطريقة في التعلم مفيدة بشكل أكبر للأشخاص الذين يرغبون في تحديد سرعة العملية التعليمية على حسب قدرتهم وأوقاتهم، لكن على أية حال لن يغني التعلم الذاتي عن المؤهل الأكاديمي ولكنه يعتبر طريقة فعالة لإثراء المهارات وتعزيز المعرفة.
لماذا نحتاج إلى التعلم الذاتي في حياتنا؟
ربما لا تحتاج إلى التفكير مليًا في أهمية التعلم الذاتي، فالأمر واضح جدًا نظرًا للفوائد التالية:
● الاستقلالية في التعليم
كم مرة سئمت من دراسة التفاضل والتكامل؟ كم مرة سألت نفسك لماذا أتعلم مثل تلك المواد ولا أستفيد منها في حياتي العملية؟ وهنا يأتي دور التعلم الذاتي الذي يسمح لك باختيار ما تود تعلمه بشكل مباشر ومركز بداية من برمجة مواقع الويب وانتهاءً بإعداد وجبة طعام جديدة.
● المرونة في التعليم
عادة ما يتقيد التعليم النظامي بمكان ووقت معين، فضلًا عن أن المناهج نفسها ربما لا تناسب جميع الطلبة، لذلك تكون المساحة في التعلم الذاتي أكبر فيما يخص اختيار المكان والوقت المناسب لك.
● تطوير المهارات الأساسية
أن تكون أنت المعلم لنفسك سوف يعلمك الكثير من مهارات التعلم الذاتي الأساسية مثل مهارة إدارة الوقت لإنجاز المهام اليومية كاملة، ومهارة التفكير النقدي أثناء اختيار مصادرك الدراسية، بالإضافة إلى مهارة الانضباط التي تحميك من العشوائية والفوضى حيث تجعلك ملتزمًا بمهامك ومسؤولياتك.
● زيادة الثقافة وتطوير الذات
لا شك أن الحصول على المعارف الجديدة والمتنوعة سوف يزيد من خبرتك ومن المتوقع أن يفتح أمامك الكثير من الفرص في المستقبل، لا سيما أن أغلب الوظائف الجيدة تختار الموظف وفقًالما لديه من مهارات ملائمة للعمل وليس العبرة بعدد الشهادات الأكاديمية التي حصل عليها.
● فرصة جديدة للابتكار
أن تتحرر من منظومة التعليم التقليدي ربما يكون هو فرصتك للتفكير الإبداعي لا سيما عندما تمارس في استخدام الأدوات التقنية، فمثلا ربما يدلك المعلم على تطبيقات معينة تساعدك على البحث، ولكن نظرًا لأنك لديك خبرة أوسع من التعلم الذاتي يمكنك العثور على تطبيقات أفضل وأكثر توفيرًا للوقت.
● تعليم مجاني أو تكلفة قليلة
نظرًا لكثرة المواد التعليمية يمكنك الحصول على مصادر مجانية أو قليلة التكلفة، كما أن أغلب موارد التعلم الذاتي موجودة عبر الانترنت فلا تحتاج سوى الاتصال بالانترنت دون العمل على توفير مكان أو تحمل تكاليف التنقل.
اقرأ أيضًا: القراءة التمشيطية
كيف تطبق التعلم الذاتي؟
ربما تحتاج أن تتعلم ذاتيًا بغرض التقديم على وظيفة أو لتطوير مهاراتك، وأيًا كان هدفك من ذلك فيجب أن تحظى هذه التجربة بالقدر الكافي من الانضباط، ولكي تمضي قُدمًا في ذلك عليك أن تتبع استراتيجيات التعلم الذاتي التالية:
● اختر أهدافًا منطقية
جميعنا لديه ما يكفي من الالتزامات سواء على الجانب الشخصي أو المهني لذلك يجب أن تحدد لنفسك أهدافًا واقعية يمكن إنجازها.
فمثلا إذا كنت تعمل بدوام كامل أو تدرس دراسة نظامية تستطيع تحديد وقت التعلم الذاتي بعد الانتهاء بحيث تكون حجم المادة التعليمية مناسبة للوقت ويمكن تعديلها وفقًا لجدولك الزمني وبهذاتصبح أهدافك أكثر واقعية.
● صمم جدولًا جادًا
بناءً على حجم المادة العلمية المناسبة لوقت فراغك يمكنك أن تنشئ جدولا يحتوي على خطة المهام المطلوبة في الوقت المحدد، وبعد الانتهاء من الخطة تستطيع تقييم الجدول وتعديلها إن لزم الأمر.
● اختر مصادر علمية موثوقة
كثيرةٌ هي المواد العلمية الموجودة بالانترنت لكن للأسف ليستكلها جديرة بالثقة، لذلك قبل أن تقرر ما تود دراسته يجب أن تتأكد من أن المصادر موثوقة ويمكن التحقق من ذلك بمقارنة المعلومات الموجودة بها مع غيرها من الكتب الأكاديمية والأوراق البحثية والدورات التدريبية الموثَّقة.
● المراجعة والتطبيق
لا تجعل كل همك هو حضور المادة العلمية فقط، ولكن يجب أن تعمل على مراجعة ما درسته وتطبيق ما يمكن تطبيقه، فمثلا إذا كنت تدرس لغة جديدة عليك أن تخصص وقتًا للتحدث بها مع شخص يجيدها، هذه الطريقة سوف تساعدك على تثبيت ما درسته على المدى الطويل.
● إجراء الاختبارات
من المهم أن تخصص أيامًا في جدولك لإجراء الإختبارات، سوف تساعدك تلك الاختبارات على تقييم المعرفة التي حصلت عليها، ويمكنك الحصول على تلك الاختبارات من الانترنت أو تطلب من زملائك أو أحد معارفك عقد اختبار تقييم مهاراتك المكتسبة.
● تنويع الوسائل التعليمية
لا يفضل الجميع نفس الأسلوب في تلقي المعلومات، فربما تحب قراءة الكتب بينما يفضل آخرون مشاهدة مقاطع الفيديو، وعلي الجانب الآخر يكتفي البعض بسماع بودكاست وتدوين ملاحظته، لذا عليك أن تجرب تلك الأدوات التعليمية لتختار ما يناسبك منها.
● تواصل مع زملائك الدارسين
يتحمس الإنسان كثيرًا عندما يجد جوًا من التشجيع والتنافس، ويمكنك الحصول على ذلك عندما تتواصل مع المهتمين بتعلم نفس المواد ذاتيًا، وبالطبع لن تكون وحدك حيث تقول الدراسات أن 94% من قادة الأعمال يحصلون على مهارات جديدة من التعلم الذاتي.
يمكنك أن تجد هؤلاء الزملاء في المجموعات عبر وسائل التواصل الاجتماعية على فيسبوك وواتساب وتويتر أو تستطيع مقابلتهم في مكان عملك أو مدرستك أو جامعتك إذا كنت طالبًا حيث يشغل التعلم الذاتي للطلاب 80% من أوقات الطلبة.
أمثلة على التعلم الذاتي
لا نستطيع تحديد أمثلة بعينها على التعلم الذاتي لأنه بحر واسع يمكن للجميع أن يجد ضالته به، سواء كنت ترغب في الاستزادة من علوم اللغة العربية والإسلامية أو ترغب في تعلم التسويق أو التصميم أو حتى تعلم اللغات الأجنبية وما إلى ذلك يمكنك أن تحصل على المعرفة اللازمة من المنصات العربية التي تقدم مواد تعليمية متنوعة.
خلاصة القول أن التعليم الذاتي أصبح الآن متاح بين يدي الجميع كبيرًا أو صغيرًا، ولم تعد هناك أية حجة للتخلف عن ركب المنافسة في العمل أو الدراسة، كل ما عليك هو أن تعقد العزم وتحدد أهدافك ثم تتوكل على الله وتبدأ في سبر أغوار هذا البحر الواسع.