نظريات التعلم تاريخها وأنواعها

قد يتساءل الكثيرين عن ماهية نظريات التعلم، وعن التوقيت الذي بدأ يتم تداول هذا المصطلح في الأوساط الأكاديمية، ومدى أهميتها في علاقة المتعلم ومعلمه على حدٍ سواء، وسيكون هذا هو بالتحديد هو موضوعنا حيث سنشرح في مقال اليوم عن كل ما يخص تاريخ نظريات التعلم، أنواعها، وأهميتها.

ماهي نظريات التعلم

يعد موضوع التعلم في حد ذاته أحد الأمور التي يسعى إلى التعرف عليها كل المشاركين في المجتمع، سواءًا كانوا الأباء والأمهات، أو المربين، والتعلم في حد ذاته أحد الأمور الجدلية، حول ما إن كان سلوك أم مهارة مكتسبة، أو أحد الأمور التي تم زراعتها في الإنسان منذ وجوده على الأرض منذ مئات السنين، وأحد الأمور التي نتجت عن فضول الإنسان.

ويمكن القول بأن نظريات التعلم هي إحدى النظريات التي أتت لتفسير ماهية التعلم في حد ذاته، إضافة إلى كونها قد نتجت عن علم النفس والاجتماع، في محاولة لتفسير ماهية التعلم في حد ذاته، وكيفية تطبيقها على المجتمعات والاستفادة منها لتنمية المجتمع بشكل مستدام، لدورها الفعال في تعليم كل فرد كيف يقوم بدوره نحو غيره في المجتمع الواحد.

تاريخ نظريات التعلم

تعتبر نظريات التعلم هي مجموعة النظريات التي تم وضعها بدايًة من القرن العشرين الميلادي، وتحديدًا عام 1912م، عند ظهور أولى النظريات، وهي النظرية السلوكية للتعلم، وكان موطنها في الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال مؤسس هذه المدرسة عالم النفس جون واطسون.

ويعود الفضل لـ واطسون في إحداث تغييرات جذرية في نظرة المجتمع الأمريكي خاصًة، والعالم أجمع عامًة نحو علم نفس، وكيفية تأثر الإنسان بالسلوكيات الحيوانية في حياته اليومية، إضافة إلى نظرياته في الطرق الأمثل لإنتاج طفل سوي إلى المجتمع، غير أبحاثه في مجالات الدعاية والإعلان وعلاقتها بعلم النفس.

واعتمدت النظرية السلوكية منذ نشأتها على كل ما يمكن قياسه وتجريبه، والابتعاد عن كل ما هو غير قابل للملاحظة، ثم بدأ العمل على تطوير نظريات التعلم بشكل مستمر، والجدير بالذكر أن التعلم في حد ذاته كان له العديد من الدراسات والأبحاث للخروج بنظريات مشابهة قبل المدرسة السلوكية، ولكن يمكن أن نقول بأنها كانت الأساس الذي خرج منه النظريات وفق كل مدرسة مختلفة عن الأخرى.

أنواع نظريات التعلم

هناك العديد من نظريات التعلم التي يمكن تطبيقها خلال المراحل الدراسية المختلفة، بما يتناسب مع طبيعة المجتمعات، ويمكن أن نقول أيضًا أن أكثر تلك النظريات تطبيقًا في المجتمعات الغربية والعربية على حدٍ سواء هي:

  • النظرية السلوكية

كما سبق وذكرنا فقد ظهرت النظرية السلوكية عام 1912، وتم وضعها في محاولة للفهم بين مفهوم السلوك الإنساني وعلاقته بعلم النفس، واعتمد رواد المدرسة السلوكية على كل ما هو قابل للقياس أي أن تلك النظرية تتجلى، عندما يصبح كل ما يتم تقديمه من أمور معرفية للتلميذ يتوفر فيها شروط قادرة على إثارة فضوله، ودفع ميوله إلى عمل عملية تفكيك للمادة الدراسية ووضعها في مراحل تسلسلية.

كما اشترطت النظرية السلوكية أن على المادة العلمية والمعرفية أن تكون متناسبة مع النمو العقلي المعرفي، والنمو البدني للتلميذ، بشكل لا يتسبب في أي إحباطات له في حال عدم بلوغه لمرحلة فهمها، وبشكل أيضًا يصيبه بالسذاجة لعدم توافقها مع مرحلته العمرية.

قد يهمك: النظرية السلوكية

  • النظرية البنائية

ويمكن تلخيص تلك النظرية على أنها تشترط أن على الطالب بناء معرفته الخاصة، من خلال البحث والتعلم لمهارات ومفاهيم جديدة، معتمدًا في رحلته على المعارف القديمة، دون أن يتأخذ الأخيرة منهج له، بل يحاول في صناعة منهجه الخاص.

وتؤكد النظرية أن في تلك الحالة يمكن للطالب أن يخلق مجموعة من الروابط بين العلوم القديمة والحديثة، أو منهجه الخاص يساعده ذلك في توسيع آفاقه، وقدرة استيعابه للمجتمع حوله.

  • النظرية الجشطلتية

تعتبر النظرية الجشطلتية هي تطور، وخروج عن مفهوم التعلم في المدرسة السلوكية، في محاولة لرفضها، من خلال رفض كل من علماء النفس كورت كافكا، وماكس فريتمر لنظرة النظرية السلوكية للتعلم.

وتعتمد تلك النظرية على أن التعلم يشترط الحصول على مهارة القدرة على الفهم، من خلال جمع المعلومات وخلق الروابط بينها للخروج بنتيجة، كما تشترط أن على العملية التعليمية أن تكون مقترنة بنتائج تلك الروابط، والابتعاد نهائيًا على مهارة الحفظ والتطبيق للمعارف المختلفة، نظرًا لاختلاف تلك المعارف باختلاف سلوكيات ممارسيها، والباحثين عنها.

  • النظرية الترابطية

تعتبر هذه النظرية إحدى النظريات التي تطورت عن المدارس السابق ذكرها، بحيث أنها ربطت بين علاقة العملية التعليمية تتم بشكل أفضل للطلاب من خلال ربطها بالتنقل بين القنوات المعرفية المختلفة، عبر استخدام الوسائل التكنولوجية المعلوماتية.

وتؤكد النظرية الترابطية على أن هذا الربط يعزز طريقة التعلم، وتجعلها عملية تعليمية أكثر استقلالية، إضافة إلى إتاحة أكبر قدر من المعلومات والقدرة على التعلم لطلاب العلم، كما أنها تتيح إمكانية التعاون بين معارف الطلاب المختلفة، وإيجاد دائرة معرفية من خلال الحوار والتعاون المتبادل لوجهات النظر المختلفة.

وينتج عن هذه العملية مهارات وسلوكيات مختلفة، ولعل أبرز تلك المهارات القدرة على حل المشكلات، واستيعاب المفاهيم المعرفية المختلفة، والقدرة على صنع القرار، مما يتيح لنا إيجاد مجتمع متعلم، قادر على خلق التنمية المستدامة فيه، باستخدام التكنولوجيا الحديثة.

  • النظرية الإنسانية

خرجت مدرسة النظرية الإنسانية نتيجة لما وصلت إليه المدارس السابقة عامة، والنظرية الترابطية خاصًة، وتنص هذه النظرية على دخول الجانب الإنساني في العملية التعليمية، بحيث تضمن تلك العملية الفكر البشري الإنساني، والمشاعر.

وعليه نجد أن الطالب عبر تلك النظرية يعتمد على المهارات الاجتماعية، والفضول، من أجل الحصول على المهارات التعليمية التي يريدها، بطريقة تساعده في الحصول على احتياجاته التعليمية وتوفير قدر كبير من الأولوية لتلك الحاجة في الحصول على المعرفة، وعليه نجد أن النظرية الإنسانية تجد أن التعلم أحد الأمور الفطرية الموجودة لدى الإنسان منذ نشأته.

كيفية تطبيق نظريات التعلم

يمكن تطبيق نظريات التعلم من خلال الكثير من الطرق، والتي يمكن ذكر بعضها في النقاط التالية:

  • يمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع الطلاب على التعلم، من خلال التجارب السابقة، عبر عمل الرحلات الميدانية، وإخضاعهم إلى اختبار المواد في الفصل الدراسي، لتأكيد المعلومات التي حصلوا عليها خلال الفصل الدراسي، إضافة إلى تعليمهم مهارة الاستفادة مما تعلموه تجاه مجتمعاتهم.
  • مساعدة الطالب على فهم الدروس بشكل أفضل، وخلف رابط ما بين المعلومات التي يتحصل عليها وحياته الشخصية.
  • دفع الطلاب إلى كتابة مجموعة من الأهداف بشكل دوري، على أن تكون تلك الأهداف مترابطة مع الدروس التي تعلموها.
  • تعريف الطالب بشكل دوري على مراحل تقدمه من خلال تقييمه، وتعريفه على مناطق الخلل في عمليته التعليمية، عبر إطلاعه على درجاته الدراسية، وذلك يساهم في اكتسابهم مهارة التقييم والتعلم بشكل أفضل، عبر تعريفه بنقاط القوة والضعف لديه، من أجل تحسين ذاته، لتحصيل أكبر قدر من الاستفادة.

أهمية نظريات التعلم

تمتلك نظريات التعلم أهمية كبيرة، تدفع المجتمع علمي لديه رغبة كبيرة في تطبيقها، ويمكن وضع تلك الأهمية في مجموعة النقاط الآتية:

  • تساعد النظريات في إيقاد الفروقات بين الطلاب بعضهم بعضًا، ووضع استراتيجية للتكيف معها بطريقة تساعد في توصيل المعلومات وفق لمتطلباتهم التعليمية، ومراعاة الوقت والتحديات التي يواجهها كل طالب في العملية التعليمية.
  • توفير إمكانية التواصل بين الأطراف المشاركة في العملية التعليمية، بشكل يتيح لهم الحصول على قدر عالٍ من الاستفادة على حدٍ سواء بين المعلمين والطلاب وأولياء الأمور.
  • توفر نظريات التعلم أساليب مختلفة وجديدة لمساعدة المعلمين في التعرف على طريقة كل طالب من طلابهم في تحصيله للعلم.
  • تساهم نظريات التعلم في التحسين من مخرجات العملية التعليمية، بشكل ينعكس بالإيجاب على الطلاب بطريقة تساهم في زيادة احترامهم لذاتهم، وتزيد من ثقتهم بأنفسهم.
  • توفر نظريات التعلم قدرة للطلاب في التعرف على قدراتهم ومهاراتهم في البحث عن المعلومات بما يتناسب مع مجال تعليمهم، وتساهم اكتساب مهارة التعلم والتطوير، بشكل يساعد هؤلاء الطلاب في تحقيق النجاح على المستوى الأكاديمي، واستفادة مجتمعهم من هذا النجاح.

في الختام لا يمكن أن يختلف أي منا على أن التعلم والتعليم أحد الأمور التي تشغل بال المجتمعات، بمختلف أفرادها وطبقاتها، فالتعليم هو ما يقوم عليه المجتمعات المتقدمة، والعلم هو الأمل الذي يسعى دائمًا تجاهه المجتمعات المتاخرة، في محاولة للحاق بالتطور الدائم من حولهم، من أجل الحصول على تنمية مستدامة تساعد على التقدم.

كما أن نظريات التعلم هي التي ساعدت مختلف المشاركين في العملية التعليمية في التعرف على ما يجرى داخل النفس البشرية، وحاجتها الدائمة إلى تعلم مهارات وسلوكيات جديدة، تساعده في مجريات الأمور التي تحدث في بيئته بشكل يساهم في إحداث تغيير في السلوك المجتمعي نحو الأفضل.

أهمية نظريات التعلم​احدث نظريات التعلم​الفرق بين نظريات التعلم​انواع نظريات التعلم​بحث عن نظريات التعلم​ملخص نظريات التعلم​نظريات التعلم باختصار​نظريات التعلم وروادها​